
يمثل إطلاق نظام الأقمار الاصطناعية الجيل الثالث من ميتوسات خطوة كبيرة إلى الأمام في طريقة رصدنا للغلاف الجوي، وتنبؤنا بالطقس، وفهمنا للمناخ. تم تطوير هذا النظام بالشراكة بين المنظمة الأوروبية للأقمار الاصطناعية للأرصاد الجوية (يوميتسات) ووكالة الفضاء الأوروبية، ويقدّم جيلاً جديدًا من الأقمار الاصطناعية الثابتة بالنسبة للأرض، مزوّدًا بأجهزة متطورة قادرة على توفير ملاحظات تفصيلية وفورية لحالة الطقس والمناخ على الأرض.
من مراقبة العواصف السريعة إلى تتبع جودة الهواء عبر القارات، يُعد ميتوسات الجيل الثالث ترقية قوية لقدرة أوروبا على حماية الناس والاستجابة للتحديات البيئية.
مراقبة مستمرة من الفضاء
ما يميز “ميتوسات الجيل الثالث ” هو موقعه المداري، إذ يدور كل قمر صناعي على ارتفاع 36,000 كيلومتر فوق سطح الأرض، في مدار ثابت يتزامن مع دوران الأرض، مما يسمح له بالبقاء فوق منطقة معينة طوال الوقت، لرصد تطور الأنظمة الجوية بشكل متواصل.
كانت الأقمار السابقة تقدّم صورًا كل 15 دقيقة أو أكثر، أما أقمار “ميتوسات الجيل الثالث ” التصويرية فتستطيع مسح كامل قرص الأرض كل 10 دقائق، وتصوير أوروبا بتحديثات كل دقيقتين ونصف. هذا التكرار ضروري لرصد الظواهر الجوية الشديدة التي قد تتطور خلال دقائق.
أجهزة ميتوسات الجيل الثالث
يتكوّن نظام “ميتوسات الجيل الثالث ” من نوعين من الأقمار الاصطناعية، كلٌّ منهما مصمّم لرصد جانب مختلف من الغلاف الجوي:

القمر التصويري (ميتوسات الجيل الثالث -آي)
تحمل هذه الأقمار جهاز تصوير مرن مشترك، يلتقط صورًا عالية الدقة في 16 نطاقًا طيفيًا، تكشف معلومات دقيقة عن الغيوم، وبخار الماء، ودرجة حرارة السطح، والنباتات، والجسيمات الدقيقة.
كما تحمل أداة استشعار البرق، وهي الأولى من نوعها في مدار ثابت، وقادرة على رصد ضربات البرق نهارًا وليلًا، حتى فوق المحيطات البعيدة.

القمر الكاشف (ميتوسات الجيل الثالث -إس)
هذا القمر مزوّد بجهاز استشعار بالأشعة تحت الحمراء ينشئ ملفات رأسية لدرجة الحرارة والرطوبة، ويقوم بمسح ربع الكرة الأرضية كل 15 دقيقة. يساعد ذلك خبراء الأرصاد على تحليل بنية الغلاف الجوي وتغيراته.
كما يحمل أداة سنتينل-4 يو في إن، وهي جزء من برنامج “كوبرنيكوس” التابع للاتحاد الأوروبي، تقيس ملوثات الهواء مثل ثاني أكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، والأوزون فوق أوروبا وشمال إفريقيا كل ساعة، مما يُعد مهمًا لمراقبة جودة الهواء.
استخدامات ميتوسات الجيل الثالث
تحسين التنبؤات قصيرة المدى
يساعد “ميتوسات الجيل الثالث ” على تحسين التنبؤ الآني، أي القدرة على توقع الطقس في الدقائق القليلة إلى الساعات القليلة المقبلة. من خلال الكشف عن العلامات المبكرة لتكوين العواصف ونشاط الصواعق، يمكّن الجيل الثالث من أقمار ميتوسات علماء الأرصاد الجوية من إصدار تحذيرات أسرع وأكثر دقة، مما يمنح الناس وقتًا ثمينًا للبحث عن مأوى أو تعديل الخطط.
دعم النماذج العددية للتنبؤ
توفر بيانات الأقمار الاصطناعية مدخلات مهمة لنماذج التنبؤ الجوي العددي، مما يساعد على تحسين التوقعات على مدار عدة أيام. أيضًا توفر بيانات الرصد الجوي العمودي معلومات حول الرطوبة ودرجة الحرارة في طبقات الغلاف الجوي، والتي تعد مدخلاً رئيسيًا لمحاكاة أنظمة الطقس على الكمبيوتر.
رصد الحرائق
تسمح تقنية التصوير بالأشعة تحت الحمراء لأقمار الجيل الثالث باكتشاف بؤر الحرائق وتتبع أعمدة الدخان ومراقبة تقدم النيران، حتى مع وجود السحب. وهذا يفيد بشكل خاص في المناطق النائية أو الصعبة الوصول، ويدعم فرق الاستجابة للطوارئ في إدارة الحرائق النشطة.
المراقبة المناخية طويلة الأمد
لا يقتصر دور ميتوسات الجيل الثالث على الطقس اليومي، بل سيساهم في إنشاء سجل مناخي يمتد لعقود. فمنذ السبعينيات وحتى عام 2060، ستشكل البيانات جزءًا من سجل يمتد لأكثر من 60 عامًا، يمكن من خلاله تحليل تغيرات مناخية مثل زيادة شدة العواصف وتغير أنماط الأمطار والسحب.
الخلاصة
في عالم تتزايد فيه حدة الظواهر المناخية ويصعب التنبؤ بها، أصبح وجود نظام مثل “ميتوسات الجيل الثالث ” أكثر أهمية من أي وقت مضى. فهو يوفر رؤية أوضح، وتحذيرات أسرع، وفهمًا أعمق لكوكبنا المتغير. سواء أكان لمساعدة الطيارين، أو تحذير المزارعين، أو دعم العلماء، فإن “ميتوسات الجيل الثالث ” يُمثل قفزة نوعية في مجال مراقبة الأرض.