الوضع التجريبي Beta mode

منخفض المطير أبريل 2024م

في وقت متأخر من يوم 14 أبريل، تحرّك أخدود واسع النطاق آخذ في التعمق من منطقة البحر الأبيض المتوسط نحو جنوب الخليج العربي. وفوق دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، انحرف التيار الهوائي العلوي من غربي إلى جنوب غربي، مع ازدياد في قوة التيار النفاث في المستويات العليا.

يُظهر الشكل 1 الوضع السينوبتيكي المشار إليه بتاريخ 15 أبريل 2024، الساعة 18:00 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC). حيث تُعرض صورة Airmass من القمر الصناعي ميتيوسات-11 مدمجة مع بيانات ECMWF: الارتفاع الجهدي عند مستوى 500 هكتوباسكال (باللون السماوي)، وخطوط التساوي للسرعة عند مستوى 300 هكتوباسكال (باللون الأصفر)، وإزاحة الاضطراب الدوراني عند نفس المستوى (باللون الأحمر).

تُظهر الصورة سيطرة منخفض علوي واسع النطاق مصحوب بتيار نفاث غربي إلى جنوب غربي، مع إزاحة إيجابية للاضطراب الدوراني، وهو ما أدى إلى تشكّل وتعميق إضافي لمنخفض سطحي، نتج عنه ظروف حرارية وديناميكية مواتية جداً لتطور عواصف رعدية شديدة خلال الفترة من 14 إلى 17 أبريل.

الشكل 1: صورة Airmass من القمر الصناعي ميتيوسات-11، مدمجة مع بيانات ECMWF، حيث تُظهر خطوط الارتفاع الجهدي عند مستوى 500 هكتوباسكال (باللون السماوي)، وخطوط التساوي للسرعة عند 300 هكتوباسكال (باللون الأصفر)، وإزاحة الاضطراب الدوراني عند 300 هكتوباسكال (باللون الأحمر)، وذلك في 15 أبريل 2024 الساعة 18:00 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC). المصدر: EPort Pro.

تُعد صورة Dust RGB أداة مفيدة دائماً لتقييم الرطوبة في الطبقات الجوية المنخفضة عند صفاء الأجواء، وهو ما كان عليه الحال في بداية التسلسل الزمني عبر معظم مناطق جنوب المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان. يمكن ملاحظة تدرجات مختلفة من اللون الأزرق الداكن، والتي تشير إلى وجود رطوبة عالية في الطبقات الجوية المنخفضة، وهي من العوامل الأساسية لتكوّن العواصف الرعدية.

ومع تقدم التسلسل الزمني، تظهر عدة حالات من نمو سحابي رأسي قوي يؤثر على المنطقة. وتتميز العواصف الرعدية القوية بحدود انسيابية (outflow boundaries) واضحة، تتشكل عند مقدمة الجبهة العاصفية. ومع أن هذه الحدود تكون أكثر وضوحاً عادةً في القنوات المرئية ذات الدقة المكانية العالية، إلا أن العواصف التي تشكلت يوم 16 أبريل كانت قوية لدرجة أن حدود الانسياب ظهرت في صورة Dust RGB، على هيئة هواء أبرد يتحرك جنوباً من عدة عواصف.

وأخيراً، ونظراً لكون المنطقة صحراوية في معظمها، فقد شهدت أجزاء من المملكة العربية السعودية رفع كميات كبيرة من الغبار خلال تلك الفترة، وظهر ذلك بلون أرجواني مميز في صورة Dust RGB.

نفس حدود الانسياب التي يمكن رؤيتها في صورة Dust RGB تظهر أيضًا في التركيب المرئي عالي الدقة في الشكل 2، على هيئة تشكيلات سحابية رفيعة تشبه القوس بالقرب من الحدود بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

كما تُلاحظ قمم سحابية عديدة في الشرق، تُظهر ظاهرة “القمم المخترقة” (Overshooting Tops)، وهي مؤشر آخر على شدة العاصفة. وتُرى هذه القمم على هيئة بروزات صغيرة تُلقي بظلالها بعيدًا عن اتجاه الشمس (مع الإشارة إلى أن التوقيت المحلي كان في فترة ما بعد الظهيرة، مما يدل على أن أشعة الشمس قادمة من الجهة اليسرى من الصورة).

الشكل 2: صورة من قناة الرؤية المرئية عالية الدقة (HRV) من القمر الصناعي ميتيوسات-10 (SEVIRI)، بتاريخ 16 أبريل 2024، الساعة 13:15 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC).

يُظهر الشكل 3 نفس المنتج، وهو تركيب الرؤية المرئية عالية الدقة (HRV)، من نفس المنطقة في وقت سابق من اليوم نفسه. يمكن ملاحظة عاصفة شديدة للغاية بالقرب من منطقة أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن اللافت وجود ظل كبير يُسقط باتجاه الغرب من نواة العاصفة (مع ملاحظة أن أشعة الشمس في ساعات الصباح الباكر تأتي من الجهة اليمنى في الصورة).

ومن العلامات الأخرى على شدة العاصفة، ظهور ما يُعرف بسحابة السندان العلوية (Above-Anvil Cirrus Plume)، والتي تبدو في أعلى السحب على هيئة شكل V ممدود للغاية يمتد من نواة العاصفة وصولاً إلى إيران. وعند النظر في اتجاه التيار السفلي، على الجانب الأيسر من هذا الشكل V، يمكن ملاحظة وجود موجات جاذبية (Gravity Waves)، وهي نتيجة للتفاعل القوي بين تيارات الصعود العنيفة وحدود التروبوبوز.

الشكل 3: صورة من قناة الرؤية المرئية عالية الدقة (HRV) من القمر الصناعي ميتيوسات-10 (SEVIRI)، بتاريخ 16 أبريل 2024، الساعة 04:15 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC).

يُعد منتج Cloud Phase RGB (الشكل 4) الأداة الأنسب للإجابة عن سؤال يتعلق بمرحلة جسيمات السحب وحجمها، وهو ما سيكون ضمن منتجات RGB القياسية مع جهاز FCI التابع للقمر الصناعي MTG. يتميز هذا المنتج بفعاليته العالية في التمييز بين أنواع الجسيمات المختلفة، حيث يُظهر البلورات الجليدية الصغيرة باللون الأزرق الفاتح، والبلورات الجليدية الكبيرة باللون الأزرق الداكن، وجسيمات الماء الصغيرة باللون الأبيض، وجسيمات الماء الكبيرة باللون الأرجواني/البنفسجي.

عند ملاحظة البلورات الجليدية الصغيرة في قمم العواصف، لا سيما في مناطق القمم المخترقة (Overshooting Tops)، فإن ذلك يتطلب فحصاً إضافياً، إذ يُعد مؤشراً على شدة العاصفة.

الشكل 4: صورة Cloud Phase RGB من القمر الصناعي NOAA-20 (أداة VIIRS)، بتاريخ 16 أبريل 2024، الساعة 09:25 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC).

يُعد منتج Severe Convection RGB من منتجات RGB القياسية ضمن مجموعة MSG، ويُستخدم بشكل رئيسي لتحديد مناطق قمم العواصف التي تحتوي على بلورات جليدية صغيرة، والتي تشير (كما ذُكر سابقًا) إلى تيارات صاعدة قوية داخل العواصف الرعدية. في هذا المنتج، تظهر البلورات الجليدية الصغيرة باللون الأصفر.

أما القيد الرئيسي لكل من Cloud Phase RGB وSevere Convection RGB فهو توفرهما فقط خلال ساعات النهار، وذلك لأن اكتشاف مرحلة السحب وحجم الجسيمات يعتمد بشكل كبير على القنوات في نطاق الطيف المرئي (VIS) وتحت الأحمر القريب (NIR).

تتم مراقبة قمم العواصف عن كثب للبحث عن أشكال محددة في المجال الحراري لها. في قناة الأشعة تحت الحمراء المعززة بالألوان عند طول موجي 10.8 ميكرومتر، يظهر غالبًا نمط حلقي أو على شكل حرف U أو V في أقوى العواصف.

في الشكل 5، يمكن ملاحظة حالة من هذا النوع بالقرب من ساحل بحر العرب في سلطنة عمان، حيث تظهر عاصفتان قويتان أشكالًا دائرية لدرجات حرارة منخفضة، مع وجود منطقة مركزية أكثر دفئًا.

الشكل 5: صورة من قناة الأشعة تحت الحمراء عند 10.8 ميكرومتر (IR10.8) من القمر الصناعي ميتيوسات-11 (SEVIRI)، بتاريخ 14 أبريل 2024، الساعة 15:45 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC).

نظرة أقرب على إحدى العواصف فوق سلطنة عمان في 14 أبريل يمكن مشاهدتها في تركيب HRV RGB (الشكل 6). تظهر في الصورة كتلة قوية متعددة الخلايا، تتميز بقمم مخترقة بارزة وشكل قمة عاصفة على هيئة حرف U أو V، وهي السمة المركزية في هذه الصورة.

الشكل 6: صورة تركيب HRV RGB من القمر الصناعي ميتيوسات-10، بتاريخ 14 أبريل 2024، الساعة 06:30 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC).

تكبير مُفصّل لنواة العاصفة يظهر في الشكل 7. فوق تركيب HRV RGB، يوجد تراكب شبه شفاف لقناة الأشعة تحت الحمراء عند 10.9 ميكرومتر (IR10.9) من القمر الصناعي Landsat-9. وبفضل الدقة العالية التي تصل إلى 100 متر والتحسين اللوني، يمكن رؤية أدق التفاصيل لتضاريس قمة العاصفة.

يمكن تحديد قمة مخترقة بارزة، يتبعها سحابة السندان العلوية (Above-Anvil Cirrus Plume) على شكل حجاب أخضر ممدود يمتد إلى اليمين من القمة المخترقة، مما يشير إلى شدة العاصفة.

الشكل 7: صورة تركيب HRV RGB من القمر الصناعي ميتيوسات-10، مع تراكب شبه شفاف لقناة الأشعة تحت الحمراء المحسّنة بالألوان عند 10.9 ميكرومتر من القمر الصناعي Landsat-9، بتاريخ 14 أبريل 2024، الساعة 06:30 بالتوقيت العالمي المنسق (UTC).

يُظهر الشكل 8 الفرق بين الفترة التي سبقت الحدث والفترة التي تلتها باستخدام تركيب Natural Colour RGB. الصورة الأولى مأخوذة بتاريخ 17 يناير 2024، في وقت لم تشهد فيه الفيضانات، بينما الصورة الثانية تعود إلى 17 أبريل 2024، مباشرة بعد وقوع الحدث.

مع تحرك السحب وهطول الأمطار الغزيرة، تترك أثراً على الأرض. ومن منظور جوي، تظهر هذه الآثار على شكل خطوط تُعرف بمسارات الهطول الغزير (Downpour Tracks). في تركيب Natural Colour RGB، تظهر هذه المسارات بدرجة لون بني أغمق قليلاً مقارنة باللون البني النموذجي للرمل.

يمكن رؤية العديد من مسارات الهطول الغزير في منطقة الحدود بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما يُلاحظ زيادة ملحوظة في المسطحات التي تبدو وكأنها مائية (بدرجات بني أغمق قليلاً) في المناطق الساحلية للإمارات، وهي مناطق مغمورة بالمياه أو شهدت فيضانات حديثة.

الشكل 8: مقارنة بين صور تركيب Natural Colour RGB من القمر الصناعي ميتيوسات-11 قبل وبعد حدث الفيضانات، بتاريخ 17 يناير 2024.

يوضح الشكل 9 زيادة في تعكر مياه السواحل، حيث تظهر ظلال مختلفة من الأزرق والبني بالقرب من سواحل المنطقة. ويمكن ملاحظة فرق كبير بين الصورة الأولى (14 أبريل) والصورة الثانية (17 أبريل). ففي حين كانت المناطق الساحلية تظهر باللون الأزرق الداكن أو الأسود قبل الحدث، ظهرت كمية كبيرة من اللون البني مدمجة مع الأزرق في الصورة اللاحقة.

الشكل 9: مقارنة بين صور تركيب True Color RGB من القمر الصناعي Suomi-NPP قبل وبعد حدث الفيضانات، بتاريخ 17 يناير 2024.

المصدر